لماذا البن اليمني هو الأرقى في العالم؟
يتساءل البعض عن سر حب عشاق القهوة للبن اليمني، عن ذلك الإحساس الفريد الذي يشعرون به عند كل رشفة، وعن سر عمق النكهات وأصالتها، ولماذا أبهر البن اليمني العالم؟ وكيف كان ومازال البن اليمني يصدر المشهد ويسحر حواس عشاقه، كيف ظل قويًا بارزًا بنكهاته، البن اليمني إرث عريق يحمل بين ثماره أصالة تتجدد.
هناك العديد من الأسباب التي جعلت البن اليمني يحتل المرتبة الأولى، ويكون الخيار الأول لكل عاشق قهوة، ورمزًا للذوق الرفيع:
- الزراعة التقليدية للبن اليمني:
حافظ المزارعون اليمنيون على الزراعة بالطرق التقليدية للحفاظ على نكهة البن اليمني العميقة، في جبال اليمن حيث المرتفعات تُزرع حبوب القهوة اليمنية يبدأ المزارعون اختيار أجود الحبوب من الموسم السابق، يزرع هذه الحبوب في أحواض طينية صغيرة يدويًا بعيدً عن الأسمدة الكيميائية والمحفزات الصناعية تنمو لوحدها دون أي تدخل غير معتاد، ويراقب المزارعون هذه الشتلات يوميًا إلى أن تنم بارتفاع 50 سم، تنقل بعدها بحذر شديد للجبال الشاهقة وتُزرع على مدرجات ترابية موجودة من عصر أجدادهم، تسقى الأشجار بمياه الأمطار، تنمو ببطء فوق الجبال دون أي تدخل صناعي، وتبدأ بإنتاج ثمارها الأولى بعد ثلاث إلى أربع سنوات.
بعدها تأتي مهمة القطف، ولا يتم قطف أي حبة حتى تنضج تمامًا ويتحول لونها إلى الأحمر الداكن، ويتم جمعها يدويًا حتى لا تختلط الثمار الناضجة بغيرها، بعد ذلك تُفرش هذه الثمار في سطوع بيوت المزارعون وتترك حتى تجف تحت الشمس ويتم تحركيها يوميًا لتجف من جميع الجوانب.
من اختيار البذرة إلى حصادها لا تدخل أي طرق صناعية وهذا سبب جودة البن اليمني وعدم توفره بكميات تجارية، يعامل المزارعون أشجار البن كجزء من عائلتهم يهتمون بها جدا لأنها رمز ثقافتهم إرث أجدادهم.
- تنوع إيحاءات ونكهات البن اليمني:
البن اليمني تفرد بنكهات غير موجودة في الأنواع الأخرى بن هذه النكهات المميزة نكهة القرفة والقرنفل والشكولاتة والفواكه المجففة، وبسبب التنوع الجغرافي في اليمن اختلفت النكهات فكل منطقة لها نكهة مختلفة عن نكهة المنطقة الأخرى، فنكهة بن حراز مثلًا تتميز بنكهة فاكهية، خولان تتميز بالنكهة التقليدية للقهوة العربية، وهذا التنوع في النكهات أصبح البن اليمني هو الأرقى لذائقة عشاق القهوة.
- ارتفاع المناطق الزراعية:
يزرع البن اليمني في مناطق جبيلة عالية جدًا يتراوح ارتفاعها بين 1500 إلى 2000متر فوق سطح البحر، واليمن تعد من أعلى البيئات الزراعية، هذا الارتفاع أنتج بن فريد بنكهة خاصة، والسبب بذلك هو أن البذور فوق الجبال تنضج ببطء بسبب درجات الحرارة المنخفضة مما يسمح لحبوب البن امتصاص العناصر الغذائية من التربة، وكذلك المرتفعات الجبيلة باردة وجافة وهذه الظروف لا تناسب الكثير من الحشرات وهذا يقلل استخدام المبيدات الكيميائية ويحافظ على نقاء الحبة وجودتها، الخصائص الجوية فوق الجبال مثالية فالهواء فوق الجبل نقي والشمس أقوى في النهار بينما يكون الجو باردًا باليل وهذا الاختلاف بين البرودة والحرارة يساعد في تكوين نكهات فريدة وعميقة ويعزز وضوح الإيحاءات.
وكلما زاد الارتفاع زاد تركيز النكهة بعد التحميص، لهذا البن اليمني نكهاته بارزة مقارنة بغيره بسبب ارتفاع مزارع البن.
- إرث عريق يتجدد
البن اليمني ليس مجرد منتج تنتجه اليمن وتصدره بل هو جزء من الثقافة اليمنية ويعود تاريخ البن اليمني إلى القرن الخامس عشر عندما اكتشف مجموعة من الصوفيون باليمن البن اليمني واستخدموه كمشروب يساعدهم على الاستيقاظ أثناء عبادتهم الليلية وبعدها بدأوا بتصنيعه وتصديره للعالم، لذا فإن اليمن هي مهد القهوة وأول بلد قام بزراعتها وتصديرها للعالم عبر ميناء "المخا"، انطلق البن اليمني ليسحر حواس العالم بنكهته ويحفر في عقولهم نكهة فريدة لن تتكرر أبدًا، فظل البن اليمني هو البن الأصيل الذي لم يتغير طعمه.
- الحبوب النادرة:
مازال المزارعون اليمنيون يزرعون أصناف قديمة من البن اليمني لم تتعرض لتعديل أو التهجين، وهذه الأنواع تملك نكهة فريدة أصلية لا تجدها بأي مكان، وهذه الحبوب الصغيرة هي كنز اليمن الزراعي، فأغلب أنواع البن اليمني لم بتعرض لأي تهجين أو تعديل.
- الجودة:
حافظ البن اليمني على جودته، لأن المزارعون يركزون على الجودة لا الكمية وهذا ما جعل البن اليمني غالي الثمن بسبب الطلب المتزايد عليه والكميات القليلة نسبيًا ذات جودة عالية، فكل خطوة من خطوات الزراعة أو التحضير يحرصون فيها على الحفاظ على نكهة البن اليمني ليبقى بنفس الجودة منذ أن عرف البن اليمني في العالم.
فإن البن اليمني أصالة تتجدد.
عرف العالم القهوة عن طريق ميناء المخا عرفها بطعمها العميق، فلم يقتنع بعدها عشاق القهوة بأي بن آخر لأن حواسهم اعتادت على جودة لا توجد في غيره، وعلى نكهة متوازنة تبهر كل حواسهم، اعتادوا على شرب قهوة يبدأ تاريخها من اليمن.