قصة الموضة مع المجتمع السعودي منذ (الستينات إلى الألفية)

٧ ديسمبر ٢٠٢٢
فيصل
قصة الموضة مع المجتمع السعودي منذ (الستينات إلى الألفية)

في الستينات الميلادية كان لبس الغترة البيضاء والجاكيت الرمادي والنظارة السوداء من كمال الأناقة كما كان وضع ثلاثة إلى أربعة أقلام في الجيب العلوي محاولة من البعض لإبراز المكانة الثقافية والعلمية التي يناشدها لذا كانت موضة الشباب وحتى الكهول حديثي العهد بالمدن الكبرى


كان من تقليعات ذلك الجيل التزين بالسن الذهبي وهي ظاهرة اقتصرت على الرجال لكنها عادت كموضة مترفة مطلع الألفية لدى النساء حيث الألماسة الصغيرة "التاتو"..

‏كان منظر السن الذهبي في الستينات وسط ثغر سائق التكسي و اللوري أمراً اعتيادياً دعت له الحاجة والضرورة وأحياناً الموضة


كانت اللهجة الحجازية لهجة الدواوين والوضائف كما كان الناس أكثر قبولاً للاختلافات الذوقية في أزيائهم ومراكبهم...كانت الألوان الصفراء والحمراء وحتى البنفسجية ألواناً مقبولة في سيارات أبناء ذلك الجيل ولم يكن حينها من المعيب اقتناء الكهول للسيارات الصغيرة فالناس متصالحون مع أذواقهم..



منتصف ذلك العقد انتشرت ظاهرة الخنافس العائدة لفرقة غناء إنجليزية (بيتلز) اكتشفها "ببراين ايشتاين" في مدينة ليفربول الأنجليزية وأصبحت تقليعة عالمية لفئة محدودة من الشباب لكنها عادت بأشكال أخرى في السبعينات "الكشة" والثمانينات "قصة الأسد" والتسعينات "الكدش" وهي لا تعكس حال المجتمع


عرف عصر الستينات ظاهرة الزواج في الفنادق الفخمة لأبناء الذوات (فقط) ففي جدة كانت سيارات الكاديلاك تصطف _في الأماسي الفرائحية_ أمام فنادق "قصر الكندرة" و "قصر قريش" و "جدة بلس" في مشهد غير بعيد عن ما يحدث أمام فندق "الرياض" و "صحارى" و "اليمامة" و "زهرة الشرق" في العاصمة الرياض..


عرف عقد السبعينات بالموضات المتجددة للنساء في حين كان الأسوء لموضات الرجال وهو عصر الألوان الصارخة فظهرت مجلات الأزياء وانتشرت فساتين الدانتيل والساتان والأورقنزا والموهير ولبست الشابات كعب الشوكة وسرحن شعورهن بذيل الحصان وعرفن الشبرات والبكرات والتسريحة ولبسن التيير والكم الحاير


شهد هذا العقد بدايات الطفرة فأصبحت مناسبات الأفراح لعوام الناس تقام في فنادق الأربع والخمس نجوم وتأنقت نساء ذلك الجيل بفساتين البرنسيس والميدي والماكسي بقدر بالغ من الاحتشام ولبسن في الزيارات المتبادلة تنورة التكسير والمني جب لصغيرات السن وتعطرن "بالشانيل" و "الكاشريل"


وانتشر حينها لف خصلات الشعر من الخلف على شكل الكعكة وعُرفت بين فتيات ذلك الجيل "الكعكع" كما أطلقن على لف خصلات غرة الرأس مسمى "البف" ولبسن جزم البوت الطويل 

‏وحملن بأكفهن الرقيقة حقيبة "المجلة" فكانت حديث بنات ذلك الزمان..


عاش الرجال أسوء "موضاتهم" في عقد السبعينات وانتشر بنطال الشارلستون بين الطلاب المبتعثين الذين تركوا "السوالف" أو "الزلف" الطويل قبالة آذانهم كما كان يفعل المغني "ألفس بريسلي" كانوا يسمونها "الكندرة" كما عرفوا جاكيت الكاروهات وتعطروا ب "أوقوبرافا"


تأنّق أبناء ذلك الجيل بالياقات الطويلة "زبزور" وأحياناً المبالغ في طولها أما المراهقون ففتحوا الأزرة أمام صدورهم العارية و تجمعو قبالة "دكان الحارة" وتوسطت الطاقية هامة رؤوسهم المنفوشة

‏كانت المرحلة تحكي لك مايلي:

‏شماغ العقل ...فانيله علاقي...عقال عريض...كبك فص...قماش أبو غزالين


مثلت الثمانينات عهد الرفاهية والرخاء المادي فعاش الناس سعةً في الأرزاق والوظائف والخدمات وتضاعفت الرواتب والبدلات وتهيأت فرص الاستثمار والادخار وألقت الطفرة بظلالها على حياة الناس في مأكلهم ومركوبهم ولباسهم فعرف الشباب الثياب اللينة من "البولستر" ولبسوا شماغ البسام وغترة العطار


كانت موضة الشباب مطلع الثمانينات تختلف عن نهايتها ففي البداية هام الشباب بالشخصية المربعة والأزرة الثلاث والعقال العريض وثوب البلوستر "الزبدة" أو القطني "التتركس" وغاب عن المشهد القلاب الطويل والأقلام الأربعة وثياب "أبو غزالين" كما أن الرخاء المادي ألغى "الخبنة" من أعلى الأكمام


استمرت الأزرة الثلاث إلى منتصف العقد حيث ظهرت موضة القلاب "العسكري" وافتتن الشباب بالشماغ العنابي وغاب اللون الأصفر عن الثياب و تسابقوا لشراء "الزبيرية" بالألوان الناصعة وافتتن الصغار بجزم "الشامواه" السوداء فكانت موضة طلاب المدارس..


غابت "الفانيلة" العلاقي عن اللباس الرجالي منتصف الثمانينات وغيابها طال جميع الأعمار بعد أن كانت علامة بارزة في أزياء الرجال طيلة عقدين من الزمان رغم بشاعة منظرها ووضوحها من أعلى الثوب لا سيما في فصل الصيف إلا أنها قاومت التغيير واستمرت إلى أن حلت محلها قمصان "نص كم" القطنية



في نهاية الثمانينات ظهرت "موضة" غريبة حيث انتشر بين الشباب لبس الثوب الأحمر في فصل الشتاء وسبب انتشاره أن شركات الملابس الرجالية الجاهزة استحدثت اللون الأحمر في جملة مبيعاتها فانتشرت هذه الثياب بين طلاب المدارس كما وافقت "موضة" الثوب الخليجي التي عمّت جميع الشباب..


كانت قصات الشعر محصورة في ما يسمونه (قصة الأسد) ونافستها (القصة الفرنسية) وفي منتصف الثمانينات افتتن بعض الشباب في الحواضر والمدن بالمغني الأمريكي (مايكل جاكسون) فكانوا يقصون شعورهم بما يسمونه (قصة مايكل) وكان الأطفال والصبيان يقلدون رقصاته "وسحبته الشهيرة"



بل لقد انتشرت أشرطة فديو لعدد من الشباب قلّدوا الراقص الأمريكي بملابسه ورقصاته ولاينسى سكان مدينة الرياض الشاب الأسمر (مايكل منفوحة) الذي تبادل المراهقون أشرطته المسجلة بمنزله الشعبي..

‏ظواهر اجتماعية سرعان ما اضمحلت أمام البدايات الأولى لما اتفق المجتمع على تسميته مرحلة (الصحوة)


في هذه الفترة (أواخر الثمانينات) اختفى مشهد رفع العباءة بين النساء وأغلقت الشابات ومن ثم النساء الأكبر سناً عباءاتهن بالأزرة ولم يكن النقاب حينها منتشراً بين السعوديات ففي البوادي "البرقع" وفي الحواضر "الشيلة" كما ظهر بين الطالبات لبس "الكفوف" أما الشباب فقد ظهروا بتقليعة جديدة..


وهي ما يوسم بها -من باب السخرية- الشباب في عصرنا الحالي وذلك في قولهم (أبو سروال وفنيلة) ولهذه الظاهرة -أو قل إن شئت هذا التحول- تأصيل تاريخي مجتمعي حري بمن يدرس التغير الاجتماعي في مجتمعنا أن يقف عندها.

‏فماهي قصة هذه العبارة أو هذه العياره ؟


كان لباس الرجال في فترة السبعينات الميلادية ثوب من القماش السميك (أبو غزالين) أو (تترو) ومن تحته "فانيلة علاقي" و "سروال قصير" كانت الثياب السميكة تغطي ملامح الجسم ولا تلتصق به..

‏مطلع الثمانينات ضرب الرخاء المادي -إبان الطفرة - أطنابه في المجتمع فلبس الشباب ثياب "البولستر"

وهي ثياب رقيقة ناعمة اتفقوا على تسميتها (ثياب الزبدة) كدليل على نعومتها.

‏كانت ثياب الزبدة خفيفة بحيث تظهر ملامح الجسد وبالأخص "الفانيلة العلاقي"لا سيما في فصل الصيف ورقيقة بحيث تلتصق بأسفل الجسم وهو ما دفع الشباب للبس السروال الطويل كما فدعهم لاستبدال (الفانيلةالعلاقي) (بالنص كم)


مع حلول منتصف الثمانينات أصبح (السروال الطويل) و (الفانيلة نص كم) لباساً داخلياً ثابتاً لدى الشباب والأطفال أما كبار السن فلم يلتزموا به لأنهم لم يلبسوا الثياب الرقيقة..


في أخر سنة من الثمانينات الميلادية الموافقة لعام (1410) بالتاريخ الهجري لبس الشباب في فصل الشتاء الثوب الصدفي كما ظهر في أواخر هذا العقد الشماغ المختوم (بدون شلش) والذي ما يزال إلى يومنا هذا يمثل اللبس السائد لدى الرجال..


عام (1405) منتصف الثمانينات الميلادية كانت هذه المخملية علامة من علامات الرفاهية.

‏انتشر جهاز "الفديو" وبلغت محلات تأجير الأشرطة ذروتها فلبس الشباب وطلاب المدارس حذاء "بروسلي" كما تأثروا بفيلم "السيارة السوداء".

‏مجلس شبابي في الملحق و "فديو" ورخاء مادي وانتشار مؤسف لظاهرة التفحيط.


عام (1405) منتصف الثمانينات الميلادية كانت هذه المخملية علامة من علامات الرفاهية.

‏انتشر جهاز "الفديو" وبلغت محلات تأجير الأشرطة ذروتها فلبس الشباب وطلاب المدارس حذاء "بروسلي" كما تأثروا بفيلم "السيارة السوداء".

‏مجلس شبابي في الملحق و "فديو" ورخاء مادي وانتشار مؤسف لظاهرة التفحيط.



كتابة : منصور العساف