
أبدى عشاقُ القهوةِ شغفًا كبيرًا بالتعرف على تاريخ القهوه السعودية، فقد ارتبط هذا المشروب المميز بالإرث الثقافي الحافل الذي تتصف به المملكة، وما زالت القهوة ترمز إلى كرمِ الضيافةِ الذي عُهِد به سكان السعودية وشبه جزيرة العرب، لذا تابعوا معنا قراءة مقال اليوم الذي يبوح لكم بكاملِ الأسرار المتعلِّقة بتاريخ القهوة في المملكة.
تاريخ القهوه السعودية
تشير معظم الشواهد التاريخية إلى أن تاريخ القهوه السعودية يعود إلى القرن السادس عشر الميلادي، وقد أقرَّت بعض الدلائل أن قصة المملكة مع القهوة قد بدأت من خلال النشاط التجاري الذي جمعها بالتجار العثمانيين حين اتخذوا من مدينة جدة مركزًا رئيسيًا لتلك التجارة الرائجة آنذاك، فيما ذهبت أقوالٌ أخرى بأن دخولَ القهوةِ إلى المملكة جاء من خلال اليمن حيث كانت تُصنَع القهوة من قشور حب البن وتُباع في المتاجر المُخصَّصة لهذا الغرض.
بالنظر إلى تاريخ القهوه السعودية الذي يرجع إلى هذا الزمن السحيق، فإن الأمرَ بدا طبيعيًا لأن تصبح القهوةُ متأصّلةً إلى هذا الحد في الإرث الثقافي والاجتماعي للمملكة، فلا تخلو المجالس من الدلال والأباريق، كما ذُكرِت القهوة في الكثير من القصائد التي نظمها الشعراء السعوديون في عشقِ هذا المشروب الاستثنائي.
اكتسبت القهوة صبغةً خاصة في المملكة، فقد عمد السعوديون إلى اتباع طرقٍ تميزهم عن غيرهم في تقديم القهوة، كما ظهر حرصُهم الدائم على تحسين نكهة القهوة اعتمادًا على العديد من الإضافات بما في ذلك: الهيل، الزعفران، والقرنفل.
أبرز التقاليد المتبعة عند تقديم القهوة السعودية
ثمة تقاليد عديدة تخص تقديم القهوة السعودية، وهي التقاليد التي يتوارثها السعوديون جيلًا بعد جيلٍ، فالقائمة التالية تعرض لكم جانبًا من هذه الموروثات التي استقرت في المجتمع على امتداد تاريخ القهوه السعودية:
- تبعًا للتقاليد فإن مَن يتعين عليه صبُّ القهوةِ هو صاحب البيت وقد ينوب عنه ابنه أو أحد المقربين منه، ولا تُدار القهوة على الضيوف قبل أن يتناول صانعها الفنجان الأول حتى يتحقق من جودتها، وعادةً ما يطلق على هذا الفنجان لقب (فنجان الهيف).
- حتى لا يثقل المضيف على ضيفِه، يقوم الضيف بالإعراب عن عدم احتياجه إلى فنجانٍ إضافي من القهوة حين يقوم بقلب الفنجان.
- لكي يُظهِر المضيف ترحيبه بالضيف عليه ألا يغالي في صب القهوة، فمن الضروري ألا تتخطى الكمية نصف الفنجان، وإلا اعتبر الضيف أن وجودَه غير مرغوبٍ به في الوقت الراهن، وأن عليه الانصراف فور انتهائه من تناول القهوة.
- لينتبه الضيف إلى أن القهوة في طريقِها إليه، يقوم المضيف بطرق الفنجان في مُقدِّمة الدلّة، وفي تلك الأثناء يُعدِّل الضيف من جلسته ليتسلَّم الفنجان من مضيفه.
اقرأ أيضا: تاريخ و أصل القهوة من التقاليد القديمة إلى الاستهلاك الحديث
طريقة إعداد القهوة السعودية
على مدار تاريخها الحافل في السعودية، شهدت القهوةُ العديدَ من التغيرات على مستوى المواد التي تضاف إليها بغرض إعطائها المزيد من النكهة، وقد امتدت تلك التغيرات لتشمل المستويات المُختلِفة لتحميصها، وبذلك وصلت القهوة السعودية في نهاية المطاف إلى الطريقةِ التي تُعَد بها في الوقت الحالي، وهي الطريقة التي توضحها لكم النقاط التالية:
- عادةً ما يتراوح مستوى تحميص حبوب البن السعودية ما بين التحميص المتوسط والتحميص العالي، حيث يتم غلي تلك الحبوب بالدرجة المطلوبةِ من دون أن يُضاف إليها السكر.
- بحسب الوصفةِ الأكثر شهرةً في المملكة، فإن القهوة لا تخلو من الزعفران، القرفة، أو غيرها من مواد التنكيه المُختلِفة، أما عن تقليل مرارة القهوة، فإن ذلك يتحقق من خلال طريقة التقديم، حيث تُقدَّم إلى جانب التمر أو بعض الحلوى.
اعتماد القهوة لتكون مشروبًا رسميًا للمملكة
المنزلةُ العظيمة للقهوة السعودية بدت بصورةٍ جليةٍ حينما أعلنت وزارة التجارة والصناعة السعودية خلال عام 2013 أن القهوة أصبحت المشروب الرسمي للبلاد.
قطع هذا الإعلان دابرَ الشك حيال التفرد الذي تتمتع به القهوة مقارنةً بغيرها من المشروبات، ففي هذا الإعلان اعترافٌ رسميٌ بأن تاريخ القهوه السعودية كان حافِلًا إلى هذا الحد الذي جعلها مُتداخِلةً بدرجةٍ كبيرة في حياة السعوديين، فلا تخلو مجالسهم المُختلِفة من القهوة سواء مجالس إبرام الصفقات، فض المنازعات، أو ترتيب الزيجات.
قد يُخيَّل إلى الكثيرين أن اعترافًا كهذا ما هو إلا وسيلةٌ لتذكير السعوديين بمكانة القهوة في نفوسِهم، إلا أن الاعتراف يجذب أنظار العالم إلى الجودةِ الفائقة التي تتمتع بها القهوة السعودية، فلهذا الاعتراف العديد من الأبعاد الاقتصادية التي تفتح باب الاستثمارات الأجنبية لتنجذب إلى صناعة القهوة داخل المملكة حيث يَكِنُّ لها المواطنون والوافدون عشقًا من نوعٍ خاص.
استخدام مصطلح القهوة السعودية بدلًا من مصطلح القهوة العربية
نظرًا لما أضافه السعوديون إلى قهوتهم الخاصة لإكسابها الصفات التي تميزها عن بقية الأنواع، تم إصدار التوجيهات من قِبَل وزارة التجارة السعودية باستخدام مصطلح القهوة السعودية ليحل محل مصطلح القهوة العربية.
جاء هذا القرار في إطار التعبير عن اعتزاز السعوديين بموروثاتهم الثقافية فيما يتعلَّق بطريقتهم الخاصة لإعداد القهوة وتقديمها للضيوف في مُختلِف المجالس خلال المناسبات السارة والمُحزِنةِ أيضًا.
تم العمل بتلك التسمية في المطاعم، المقاهي، والمحامص، وقد لاقت وزارة التجارة دعمًا كامِلًا من قِبَل وزارة الثقافة التي سعت إلى إبراز الدور الذي لعبته القهوة بوصفها عنصرًا ثقافيًا مُعبِّرًا عن الهوية السعودية، ليتم بذلك التعاون بين الوزارتين ويُطلَق على عام 2022 لقب (عام القهوة السعودية).
أهم مناطق زراعة البن في المملكة
لطالما كانت المرتفعات الجبلية موضعًا مثاليًا لزراعة البن في المملكة، ولعل هذا ما يفسر ازدهار تلك الزراعة في مناطق مثل: الباحة، جازان، وعسير، فهي مناطق تُعرَف بهضابها وجبالها ذات الارتفاعات الشاهقة.
اعتمادًا على تلك المناطق الوعرة، تمكنَّت السعودية من تحقيق معدلاتٍ عالية من الإنتاج السنوي للقهوة، حيث قُدِّر إنتاجها بنحو 2400 طن، وهي الكميةُ المُنتَجة من خلال 398000 شجرة تحتضنها مزارع البن السعودية المُقدَّر عددها بحوالي 2535 مزرعة.
اقرأ أيضا: فوائد القهوة : أهم 5 فوائد لتناول القهوة في الصباح
دور الحكومة في الحفاظ على تاريخ القهوه السعودية
لا تألو الحكومة السعودية أي جهدٍ في سبيل الحفاظ على تاريخ القهوه السعودية، وتأتي تلك الجهود بواعزٍ ثقافيٍ، اجتماعيٍ، واقتصادي، فإضافةً إلى مكانة القهوة في التجمعات العائلية السعودية، هنالك أبعادٌ اقتصاديةٌ تسعى من خلالها المملكة إلى تطوير تلك الصناعة، وقد اتضح ذلك من خلال الدعم الذي يُقدَّم إلى المزارعين لتشجيعهم على زراعة حبوب القهوة والالتزام بالطرق الصحيحة لضمان إنتاجها بالجودةِ الفائقة، فهذا هو السبيل الذي يضمن لها فرصة المنافسة على المستوى العالمي.
أفضل متجر لشراء القهوة السعودية
بَقِيَ تاريخ القهوه السعودية مصونًا بفضل المتاجر الكبرى التي عَمِلت بكامل طاقتها على توفير القهوة السعودية ذات الجودةِ الفائقة، وقد جاء متجر كوفي ديو في صدارة تلك المتاجر، فلم ينفك المتجر عن تقديم أجود أنواع القهوة بمُختلِف درجات تحميصِها.
جنبًا إلى جنبٍ مع تقديمِه القهوة السعودية، يقوم المتجر كذلك بتوفير أنواعٍ مُتعدِّدةٍ من القهوة بما في ذلك: القهوة الإثيوبية، القهوة البرازيلية، والقهوة المكسيكية، هذا إلى جانب إتاحته أدوات القهوة ومستلزماتِها، وبذلك لن يواجه عشاق القهوة أي صعوباتٍ إذا ما قرّروا إعدادها على النحو الذي يوافق أذواقَهم المُتبايِنة.
في الختام لم يبقَ لنا غير التذكير بأن السعودية واحدةٌ من الدول التي تملك سجلًا تاريخيًا عظيمًا فيما يتعلَّق بالقهوة، وهو التاريخ الذي امتد عبر القرون حتى صار هذا المشروب ذا أهميةٍ كبيرة على كافة الأصعدة اجتماعيةً كانت أو اقتصادية.